يونيو 26, 2024

رصد: كلنا شركاء
نشر موقع “مشرق” الإيراني القريب من الأجهزة الأمنية الإيرانية قبل بضعة أيام مقابلة لأحد أبرز قادة الميليشيات والقوات الإيرانية في سوريا الجنرال محمد علي فلكي كشف فيها تفاصيل خطيرة بشأن إعادة تنظيم الميليشيات الموالية لطهران في سوريا وصهرها في بوتقة إطار تنظيمي يحمل اسم “جيش تحرير الشيعة والمسلمين” في سوريا، وبعد نشر المقابلة سرعان ما حذفت صحيفة “مشرق” المقابلة من صفحتها على الإنترنت.
ونشرت “العربية.نت” وقتها ملخصا لهذه التصريحات، وبعد حذف المادة أعادت نشر المزيد من التفاصيل حول المحاولة الإيرانية بواسطة “فيلق القدس”، الذراع الخارجي للحرس الثوري بقيادة الجنرال قاسم سليماني.
وفي بداية المقابلة تحدث “فلكي” عن نسيج القوات الإيرانية والموالية لها واعترف أن هذه القوات تعاني من نقاط ضعف أعزاها إلى إيران نفسها فقال: “لكن جزء منه (الضعف) ناتج عن ضعف لدينا داخل إيران، إننا نذهب إلى جنوب لبنان لندافع عن الشيعة، وكذلك إلى البحرين واليمن، وننفق كل هذه الأموال من أجل حماية ودعم الشيعة هناك. لدينا حالياً ما يقارب 2 مليون شيعي مسلم من إخواننا الأفغانيين يؤمنون بالرسالة المحمدية، وهو عدد كان أكثر من هذا في السابق، لكننا كنا ننظر إليهم كمجرمين ومهربي مخدرات وأشرار، أو كعمال بناء. لكن الجيل الثاني والثالث من إخوتنا المتدينين هؤلاء، الذين تعيش عائلاتهم في إيران منذ ثلاثين عاماً، يقاتلون اليوم في سوريا من منطلق التزامهم تجاه دينهم ومعرفتهم بالتكفيريين، وليس لأسباب قومية، بل لحماية التشيّع، وأثبتت دماء هؤلاء لنا أننا يجب أن ننظر إلى 3 مليون أفغاني مقيم في هذه الدولة نظرة إيجابية”.

يذكر أن الشيعة الأفغان الذين يعيشون في إيران يعانون من تمييز في كافة المجالات الوظيفية والتعليمية ويتم التعامل معهم بنظرة دونية عنصرية، وقد نشرت تقارير عدة عن التحاق هؤلاء الذين أغلبهم من “الهزارة” إلى لواء “فاطميون” الذي يقاتل في سوريا مقابل 500 دولار كراتب شهري ووعود بالحصول على الجنسية الإيرانية.
“لقد أوجدنا حسن نصرالله”
وأوضح فلكي “أن إيران هي التي أوجدت حسن نصرالله” وصنعت منه زعيماً لميليشيات “حزب الله” وهذا يشكل اعترافاً ضمنياً من قائد عسكري بارز أن التنظيم الذي يقوده نصرالله لم تنتجه الظروف الموضوعية اللبنانية بل تأسس بقرار إيراني.
وأضاف متباهياً بهذا “الاكتشاف” قائلاً: “لقد وجدنا السيد حسن نصر الله في لبنان، بينما لم نجد من بين الأعداد الغفيرة لرجال الدين الناشطين والثوريين في إيران شخصاً واحداً بين قيادات المعركة، ولم نتمكن من تنظيم كل هذه القوات العظيمة. لم نستطع دعم هؤلاء الأفغان الـ3 ملايين كما ينبغي، من العيب أن ننسى مقاومة الشيعة الأفغان لقوى الاستكبار في الشرق والغرب على مدار 30 عاماً، وننظر إليهم كعمّال يقفون على تقاطع الطرقات، أو كمجرمين، لقد أظهر هذا الجيل شجاعة وشهامة في الحرب في سوريا، وتألقوا تحت قيادة القوات الإيرانية”.
وتفيد تقارير متطابقة أن المجموعات الشيعية الأفغانية تشكل العمود الفقري للقوات التابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا حيث يقود كل 40 مقاتلاً أفغانياً ضابط إيراني.
ويقول فلكي: “هؤلاء الأفغان، تحت قيادة قاسم سليماني حالوا دون سقوط “الزينبية” ودمشق والمطار، ولقد أجبرتنا دماؤهم التي سُفكت على النهوض لمساعدتهم، لقد ذهبوا هم وكانوا الطليعة، لا يجب أن نظن أننا نحن الإيرانيين من يحارب في سوريا، إنهم الرجال الأفغان الذين سطروا الملاحم هناك تحت قيادتنا”.
الأفغان نواة جيش التحرير الشيعي
وأكد فلكي أن الأفغان الهزارة يشكلون نواة “جيش التحرير الشيعي” قائلاً: “جاء الفاطميون ورفعوا الراية، لقد تم تمهيد الأرضية لتشكيل نواة جيش تحرير الشيعة والمسلمين في سوريا، لقد حالفنا الحظ، نحن جيل الحرب العراقية الإيرانية، من إيجاد اتحاد بين القوميات المختلفة، والآن سنقوم على إيجاد اتحاد بين الأمم”.

وتطرق إلى “لواء زينبيون” المكون من الشيعة الباكستانيين ولواء “الحيدريون” المكون من الشيعة العراقيين و”حزب الله” المكون من شيعة لبنانيين الذين جلبهم الحرس الثوري للقتال في سوريا، فقال: “إن لواء الزينبيين، وهم من الباكستان، يقاتلون تحت قيادة الحرس الثوري، ولواء الفاطميين مكون من عدة فرق، وهو مشكل من إخواننا الأفغانيين، حتى إن هناك البعض من إخواننا السنة يُشاهدون فيه أيضاً، وقيادة هذا اللواء أيضاً من مسؤولية الحرس الثوري كذلك، ولدينا قوات من الحرس الثوري نفسه في هذه الألوية على مستوى ضباط الصف وعلى مستوى مقرّ القيادة، وهذه الألوية تجاهد تحت راية واحدة وتلبس زيّاً موحّداً، ولها نظام واحد.. لدينا كذلك لواء الحيدريين، وهو مكون من إخواننا العراقيين، ولدينا لواء باسم “حزب الله” وله قسمان: الأول حزب الله لبنان، والثاني حزب الله سوريا، المكون من أهالي دمشق ونُبُّل والزهراء”.
وظلت إيران طوال السنوات الماضية التي تلت انطلاق الثورة السورية تنفي تدخلها العسكري في هذا البلد مؤكدة أنها تقدم الاستشارات فقط للحكومة السورية، كما نفت مراراً أن تكون لها نزعة طائفية في الحرب الدائرة هناك إلا أن اعترافات هذا الجنرال الإيراني تؤكد أن التدخل الإيراني كان مباشراً وطائفياً من خلال تنظيم وتسليح وتمويل ميليشيات تخدم المصلحة الإيرانية قبل أن تخدم مصلحة طائفتها التي لا مصلحة حقيقة لها في سوريا.
جيش التحرير الشيعي لمحو إسرائيل
فلسطين وتحريرها هي الذريعة الحاضرة الغائبة في الأزمة السورية، حاضرة لأن إيران تقول إنها تنوي القضاء على إسرائيل لتحرير فلسطين عبر سوريا وبواسطة جيش طائفي لتقدمها على طبق من ذهب للسنة.. وغائبة لأن تدمير سوريا والعراق لن يؤدي إلى تحرير فلسطين ولا حضور لهذه القضية في حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس أصبحت إيران طرفاً فيها لصالح بشار الأسد الذي يواجه ثورة شعبية لا تقبل بوجوده في الحكم الذي ورثه من أبيه.
ويقول الجنرال الإيراني: “لقد تم تأسيس نواة جيش التحرير هذا بهدف أن تكون إسرائيل ممحية عن الوجود بعد 23 عاماً من الآن، هذه القوات الآن على الحدود الإسرائيلية، لقد أسس إخواننا الفاطميون لهذه المعركة”.
جيش تحرير بقيادة سليماني ويأتمر بالولي الفقيه
وأكد محمد علي فلكي أن قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني سيقود هذا الجيش وسيكون خاضعاً لأوامر المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي موضحاً: “تشكيل جيش التحرير الشيعي، الذي يتولى قاسم سليماني قيادته الآن، وهو مطيع لأوامر القائد (خامنئي)، حيث يتواجد هذا الجيش في ثلاث جبهات، العراق وسوريا واليمن، وليس من المفروض أن يكون جميع أفراده من الإيرانيين، كما أننا عندما نحسّ بأن هناك حاجة إلى تواجده في مكان ما، سنقوم بتأمين القوات الضرورية بالتنسيق مع ساكني تلك المنطقة”.
وبهذا تريد إيران تشكيل قوات تدخل سريع شيعية تخدم الأمن القومي الإيراني ومصلحة دولة ولي الفقيه وسيشكل شيعة يبحثون عن عمل وقود هذا الجيش وهذا ما يمكن أن نستشفه مما جاء في مقابلة فلكي الذي يقول: “الحدث التالي هو أننا لدينا في بلدنا بضعة ملايين من الأفغان، وهم يترددون على إيران خلال هذه الأعوام، ولم نقم بتنظيمهم، حتى إننا لم نول اهتماماً إلى طقوسهم بمناسبة عاشوراء، وعزلنا أنفسنا عنهم، وهذا أضرّ بنا، متى يجب علينا الاهتمام بهذه المسألة؟.. وأضاف: “ليس الحكمة في أن نذهب إلى المعركة كقوة مقاتلة، ونسعى إلى أن يذهب إلى سوريا من لديهم المقدرة على التدريب والتنظيم والإدارة.. لقد تمت السيطرة على بعض حاميات الجيش (السوري) الذي غادر بعض قادته إلى خارج سوريا، كما تمّ تفكيك بعض وحداته العسكرية، لكن اليوم هو جيش “منسجم” و”واثق”، وعزّز من قواته، لذلك لا حاجة إلى أن نذهب نحن هناك، ونهاجم بجيشنا، لذا يمكننا فقط أن نجهز إخواننا السوريين للقتال من خلال تنظيم القوات المتطوعة، يمكننا خلال مدة أن ننهي احتلال الأعداء لسوريا، وهو ما قمنا به في كردستان إيران خلال سنة أو سنتين في السابق”.
وكانت قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران منيت بهزيمة من الوزن الثقيل في حلب وقبلها في خان طومان الأمر الذي كان السبب وراء محاولة إيران لإعادة تنظيم الميليشيات الموالية لها تحت قيادة موحدة تابعة للحرس الثوري الإيراني وتحت مسمى “جيش التحرير الشيعي”.
كيف انتقل فلكي و50 ضابطاً إلى سوريا
وشرح محمد علي فلكي كيفية انضمامه للحرب الدائرة في سوريا ضمن مجموعة من قادة الحرس الثوري مكونة من 50 ضابطاً عام 2015 وهو العام الذي تكثف فيه تواجد القوات الإيرانية العلني في سوريا للدفاع عن حليف طهران بشار الأسد فقال: “في عام 2014، بعد هجوم داعش على العراق تطوعت للذهاب، وحزمت حقيبتي، وجهزت نفسي ووصلت إلى سلم الطائرة، لكن ولأسباب تم إلغاء رحلة الطيران في ذلك اليوم ولبضعة أيام تلت، كان من المقرر أن نتوجه إلى هناك برفقة بعض القادة والمدربين للقوات البرية، ونرى أين بإمكاننا تقديم المساعدة.. كنا 50 شخصاً من متقاعدي الحرس الثوري ممن كانت أدنى مسؤولياتهم قيادة كتيبة، وكان الرأي في ألا نذهب إلى العراق.. من أجل المساعدة في تحرير سد الموصل، فرأيت أن الأمر فيه عجلة ولم أقبل، فإدارتنا للحرب في سوريا والعراق قابلة للنقاش، فخبرتي تقول بأنه لا يجب علي الذهاب، فتعللت لفترة من الوقت، حتى جاء عام 2015، وتزايد عدد قواتنا المتوجهة إلى سوريا، فتوجهت أنا وشخص آخر بمساعدة الحرس الثوري إلى سوريا”.
إيران كونت قوات متعددة الجنسيات
ليس خفياً على أحد أن إيران شكلت قوات متعددة الجنسيات من شيعة موالين لها وهرعت لدعم نظام بشار الأسد الذي كان في عام 2015 آيل للسقوط ويشكل رجال من الشيعة الهزارة الأفغان الناطقين بالفارسية العمود الفقري لهذه القوات.
ويتم تجنيد هؤلاء الأفغان عادة من بين الأغلبية المسحوقة من اللاجئين الأفغان في إيران وعمر البعض منهم تحت الـ18

وقال أحدهم هرب من الحرب في سوريا لاجئاً إلى ألمانيا لـ”بي بي سي الفارسي” رافضاً الكشف عن اسمه لأسباب أمنية: “أنا أبلغ من العمر 18 عاماً، ولدت من أم وأب أفغانيين في مدينة أصفهان (الإيرانية) واليوم أقدم طلب لجوء في ألمانيا.. الحياة تحت ظل الخوف المستمر من الاعتقال والتسفير إلى أفغانستان كان يراودنا في إيران كنا نعيش الكوابيس هناك.
وشرح كيفية تجنيدة ضمن لواء “فاطميون” في إيران للحرب في سوريا فقال: “اتصل ببعض أصدقائي عدد من الأفغان القريبين من الحرس الثوري الإيراني في أحد المساجد فاقترحوا علينا الذهاب إلى سوريا للدفاع عن المراقد الشيعية المقدسة أمام هجمات داعش فوعدوني بمنحي جواز سفر إيراني ومساعدتي لشراء سيارة وبيت في إيران”.
يذكر أن حوالي مليون ونصف مليون مواطن أفغاني يعيشون في إيران منذ عقدين ونيف والأغلبية الساحقة منهم محرومون من الحقوق الأولية حتى كلاجئين حيث لا يُسمح لهم بامتلاك بطاقة هوية مقيم ويُمنعون من التعليم والعمل.. ويبلغ الحرمان إلى درجة لا يسمح للأفغاني أن يشتري شريحة هاتف أو أخذ رخصة سياقة.
لا توجد إحصائيات دقيقة بخصوص عدد الأفغان المنضمين إلى الميليشيات التي تقاتل في سوريا إلا أن عددهم يقدر بـ10 إلى 15 ألف مقاتل على أقل تقدير أنهوا دورات تدريبية سريعة وتحولوا إلى دروع بشرية في سوريا بقيادة ضباط إيرانيين من الحرس الثوري.
اقرأ:
اغتيال قياديين في ميليشيا (فاطميين) وسط دمشق




المصدر: إيران تستعد لإطلاق (جيش التحرير الشيعي) في سوریا

انشر الموضوع