يوليو 2, 2024

الديلي بيست- ترجمة محمد غياث قعدوني: السوري الجديد
في الوقت الذي تُحكِم فيه المملكة المتحدة قبضتها على حدودها، فإنها تتصل بنظام الأسد للتأكد من شرعية جوازات السفر السورية. وكانت مراسلة الحرب الشهيرة ” زينة إرحيم” على وشك أن تسقط ضحية هذا الفخ.
سبق وأن سافرت “زينة إرحيم” إلى بريطانيا من دون وقوع حوادث تذكر، إذ كانت آخر زيارة لها في بريطانيا في أبريل الماضي، حيث جمعت فهرساً حول الرقابة على حرية التعبير، ومُنِحَت جائزة الصحافة لقاء تقاريرها التي تُفَهرس وتنظم عمليات السلب والنهب التي يقوم بها نظام الأسد في وطنها الأم سوريا، غير أنها اكتشفت مدى عمليات النهب تلك عندما حطّت في مطار هيثرو أواخر الشهر الماضي.
صادر ضباط هيئة الحدود البريطانية جواز السفر الخاص بـ “زينة” واستجوبوها لساعات طويلة، وهي تحمل طفلها الرضيع ذو الأشهر التسعة بين ذراعيها، وذلك في مكان تصفه بصورة طريفة بأنه مخصص ” للأشخاص المشتبه بهم”.
وأخيراً تم إبلاغها بأن هناك تقارير تفيد بأن جواز سفرها “مسروق” ولهذا السبب جرى إعادته إلى العاصمة السورية دمشق. وأخبرها أحد الضباط أن “ملكية جواز السفر تعود للحكومة السورية وأن عليها التنسيق مع السلطات في بلادها”.
و في مقابلة لها مع صحيفة  ” The Daily Beast”  تساءلت “زينة” قائلة : ” هل تدركون حقاً عن أي حكومة نتحدث؟.
و تتابع زينة :” بعد ذلك انهارت أعصابي، كنت غاضبة جداً ، كانت الساعة الثانية فجراً، وطفلي بين يَدي”.
ولم يكن إلا من قبيل الصدفة أنه تم السماح بدخول ” زينة” بصورة قانونية وذلك نظراً لحيازتها جواز سفر ثانٍ ساري المفعول لدى وصولها إلى المطار. وكان جواز السفر ذاك أقدم بتسع سنوات لكنه لم يحوِ مساحات فارغة أو صفحات متروكة لمزيد من أختام الهجرة أو التأشيرات.
تقول “زينة” :” نظراً لذلك، تقدمت بطلب إلى القنصلية السورية في مدينة اسطنبول من أجل الحصول على جواز سفر جديد كنت قد استلمته في نيسان الماضي. ومنذ ذلك الحين، استخدمت “زينة” جواز سفرها الجديد للسفر إلى كل من بريطانيا، النرويج، إٍسبانيا، وألمانيا من دون أي مشاكل.
وأصبحت قضية “زينة” والتي تصفها بأنها قضية “ديكتاتور يواجه الصحفيين” قضية شهيرة بعض الشيء في مناطق ليبرالية في بريطانيا، وإن كان ذلك بدون ضجة إعلامية حسب ما أشار ” روي غرينسلايد” من صحيفة “الغارديان”.
بيد أن الضحية هنا ليست مُبعَدَةُ عادية، بل طالبة درست الصحافة الدولية في جامعة “لندن” حيث حصلت على شهادة الماجستير.
كما أن “زينة” حاصلة على جائزة “شيفنينج” التي تتعهد بها وزارة الخارجية والكومنولث البريطانية، وتُمنَحُ  لقادة المستقبل والمؤثرين وصناع القرار. وعملت “زينة” أيضاَ لمدة عام لصالح محطة الـ “BBC” حيث تسافر جيئة وذهاباً من الجزء الخاضع للثوار من مدينة حلب السورية. وتعمل الآن منسقة لأحد المشاريع في معهد صحافة الحرب والسلام في لندن.
في الواقع، توجهت “زينة” إلى بريطانيا من أجل المشاركة في جلسة نقاش حول مخاطر عمل المرأة كصحفية على خطوط الجبهة في مناطق الحروب، حيث كانت لتشعر بالسعادة إذا ما قُدرَ لها المشاركة.
قد يتصور المرء أن السيرة الذاتية لزينة والمذكورة أعلاه قد تكون بمثابة دليل على شرعية وثائق سفرها، وتمنحها وزناً أكبر من سفاح مُعاقَب يمارس القتل الجماعي ويقصف المدنيين في العاصمة بالغازات السامة، والسؤال هنا : ” كيف تفاعلت وزارة الداخلية البريطانية مع قضية ” زينة:؟!.
تقول ” زينة” أن الحكومة البريطانية لم تتفاعل مع قضيتها, وتتابع: ” بصراحة، أنا لا أعمل مع أي أحد وسمعت بهذا الشيء من خلال الصحفيين. لم يتصل بي أي أحد من الحكومة البريطانية، وأثناء التحقيق معي شعرت بالخوف فعلاً في مرحلة معينة، وذلك عندما كان أحد الضباط يتحدث عن النظام السوري بصفته ” حكومة شرعية” وأنهم قد يقوموا بترحيلي إلى دمشق. ماذا سأفعل حينها؟!
وبالفعل، أخبرت ” زينة” ضباط هيئة الحدود البريطانية أن زملائهم كانوا قد ختموا جواز السفر “المسروق” والخاص بزينة عينه قبل خمسة أشهر، غير أنهم أخبروها أن ذلك جاء قبل إصدار السلطات السورية مذكرة بخصوص السرقة المزعومة لجواز السفر.
تقول “ريبيكا فنسنت” مديرة مركز مراسلون بلا حدود في لندن،  والذي منح “زينة” جائزته السنوية العام الماضي :” زينة إنسانة تحظى باحترام كبير جداً، وهي على تواصل جيد ومعروفة لدى السلطات البريطانية وما جرى لها هو أمر مرعب ويرسل إشارات تدعو للقلق حول أولويات حكومة المملكة المتحدة، والتزامها بحرية الصحافة بالإضافة إلى سياستها الأوسع تجاه سوريا”.
وأضافت “فنسنت” أن مجموعة من المنظمات الغير حكومية والمتمركزة في لندن كانت قد طلبت اجتماعا عاجلاً مع وزارة الداخلية، لكنها لم تتلقَ أي رد إلى الآن.
واستفسرت صحيفة ال “ـDaily Beast” بخجل عن ما إذا كانت “زينة” تكلف نفسها عناء التحدث مع النظام السوري حول كل هذا.
ردت زينة كالتالي: “ربما كان النظام يريد التفاوض معي حول هذه القضية في سجن صيدنايا العسكري” ، في إشارة إلى مركز الاعتقال سيء السمعة في العاصمة دمشق والذي كان مسرحاً لعمليات تعذيب وقتل للسجناء السياسيين حتى ما قبل انتفاضة السوريين عام 2011.
اقرا:
     الديلي بيست: الخوذ البيضاء في سوريا.. منقذو الأرواح الذين يصفهم بوتين بالإرهابيين



المصدر: الديلي بيست: كيف خدع بشار الأسد البريطانيين لدرجة أنهم أوشكوا أن يُرَحِلوا أحد المنشقين.؟

انشر الموضوع